تكنولوجيا الاتصال والمعلومات سلاح ذو حدين. . هذا ما أثبتته السنوات العشر الأخيرة.. فرغم أن الرسائل القصيرة والسريعة عبر الهاتف المحمول وكذلك غرف الشات والرسائل الالكترونية عبر الشبكة العنكبوتية قد قربت المسافات فإن البعض اتهمها بأنها باعدت بين الأهل والأقارب وقطعت صلة الأرحام، لأنها أفقدت مستخدميها الدفء والحنان الأسري وجعلتهم يكتفون بالتواصل الافتراضي بدلا من التواصل الحقيقي وقضاء الأوقات السعيدة مع أهليهم وذويهم.
الدكتور شحاتة محروس أستاذ الاجتماع بجامعة حلوان يؤكد أن التواصل عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة لا يمكن أن يكون بديلا للزيارات وأنها لا يمكن أن تصلح ما أفسده الفراق والابتعاد.
ويقول إن اتجاهنا إلى الحياة المادية والانشغال بالبحث عن لقمة العيش وانتشار وسائل الإعلام والاتصال جعلنا نقبع في بيوتنا، وقديما كان الترويح عن النفس يكون بزيارة الأقارب.
لكن تتطور الأمر فباتت الأسرة في أوقات العطلة تفضل التنقل بين القنوات الفضائية أو إرسال الرسائل عبر " الموبايل " أو الانترنت ولا يدركون أن البعيد عن العين بعيد عن القلب.
لقد بدأ المجتمع في " تقطيع " صلات الرحم تدريجيا، عندما استغنى بالتليفون عن الزيارة، ثم بالرسالة عن المكالمة.
وإذا كان البعض يبرر ذلك بضغوط واجبات العمل وتكدس المرور وزحام المواصلات وضيق الأوقات فإن الآباء والأمهات تقع عليهم المسؤولية تجاه الأبناء في ضرورة صلة الرحم ليعرف الطفل أن له عائلة وأبناء أعمام وعمات وأخوالا وخالات.
ويضيف: هذا بالنسبة لأفراد الأسرة لا يعد ترفا بل هو احتياج حقيقي على الأسر أن تدركه خاصة أننا تحولنا من عصر الأسرة الممتدة إلى عصر الأسرة النواة، فبدلا من أن يكون للولد شقيق أو شقيقة واحدة يمكننا بتعريفه على أقاربه أن يكون له مجموعة أشقاء من أبناء الأعمام والأخوال وبذلك يكون صداقات ناجحة تتم أمام أعيننا بدلا من أن نشكو عندما يكبر أننا لا نعرف عن أصدقائه أي شيء.
وترى الدكتورة الشيماء الدمرداش الباحثة المتخصصة في اللغات والآداب الشرقية أن التواصل يجب أن يبدأ من زيارة الجد أو الجدة " مركز العائلة " فعندهما أو عند أحدهما يمكن أن تجتمع العائلة أو الأسرة الكبيرة من الأبناء والأحفاد وتكون زيارة دورية مخصصة لوصل ما انقطع.
فليس من صالح أفراد العائلة الواحدة أن ينعزلوا عن بعضهم البعض خاصة أمام المشكلات والصعاب التي نعانيها الآن فالاتحاد قوة والتفرق ضعف ومهانة.
إضافة إلى ذلك فإن قطع الرحم معصية كبيرة ينتج عنها غضب الله وعقابه قال تعالى: " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم " محمد: 22 ـ 23.
فليدرك الذين ينشغلون عن أبويهم أن " كله سلف ودين " وكما تدين تدان، فعندما نتواصل مع أولي الأرحام ونلتقي بهم تنفيذا لأوامر الله وليس لغرض منفعي أو دنيوي تحفنا الملائكة وتغشانا الرحمة ويبارك الله لنا في أرزاقنا وأعمارنا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أراد أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه".
الكاتب: منى ثابت
المصدر: موقع المستشار